بعد 55 سنة من التعتيم، سمحت السلطات اليهودية في دويلة الكيان الصهيوني بالكشف عن حرق العشرات من القوات الخاصة المصرية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967م في منطقة اللطرون شمال غربي القدس.

كشف المؤرخ الصهيوني يوسي ميلمان، الجمعة، عن مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 80 جندياً مصرياً في حرب 1967. وقال ميلمان، في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع "تويتر"، إن "أكثر من 20 جندياً مصرياً أحرقوا أحياء، ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية، لم يتم وضع علامات عليها، في مخالفة لقوانين الحرب وأخلاق البواسل
كما أوردت صحيفة "يديعوت أحرنوت" معلومات مشابهة حول الحادثة، كاشفة عن موقع مقبرة جماعية في منطقة اللطرون تحتوي على رفات 80 جندياً مصرياً شاركوا في حرب 1967 باعتبارهم قوة مساندة للجيش الأردني آنذاك.
أول المأساة
وتعود وقائع القصة إلى توقيع العاهل الأردني الراحل، الملك الحسين بن طلال، اتفاقية للدفاع المشترك مع الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر قبيل الحرب، إذ أرسلت القاهرة فرقتين من قوات النخبة إلى منطقة اللطرون الواقعة على الطريق بين القدس ويافا.
وكانت القوات المصرية تستعد للهجوم انطلاقاً من اللطرون باتجاه مطارات عسكرية صهيونية في الرملة، قبل أن تندلع اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي.
وتقع أجزاء كبيرة من اللطرون في (المنطقة الحرام منزوعة السلاح) بين الضفة الغربية وإسرائيل، وحاول الكيان الصهيوني احتلالها عام 1948، وفشلت، لكنها تمكنت من ذلك خلال حرب 1967.
ضد شريعة الحرب
المؤرخ اليهودي يوسي مليمان، أوضح أن "مصر نشرت كتيبتين من الصاعقة قرب اللطرون، وكانت مهمتهم الهجوم داخل الدولة اليهودية، والاستيلاء على اللد والمطارات العسكرية القريبة".
وأضاف مليمان، أنه "بعد اشتباكات بين الجيشين المصري والصهاينة بمنطقة اللطرون في اليوم الأول للحرب، هرب بعض الجنود المصريين، والبعض أخذوا أسرى، وقاتلت البقية بشجاعة".
وأضاف، أن الجيش الصهيوني أطلق بعد ذلك قذائف باتجاه آلاف الدونمات من الأراضي كانت توجد فيها القوات المصرية، ما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة قرب كيبوتس نحشون (تجمع زراعي تعاوني).
وأقامت دويلة الكيان الصهيوني على القبر الجماعي موقعها السياحي "إسرائيل الصغرى". ولم يصدر الجيش الصهيوني تعقيباً على المقبرة الجماعية، كما التزمت السلطات المصرية الصمت إزاء ذلك. وأشار مليمان إلى أن الوثائق العسكرية الرسمية غير السرية، تحذف "مأساة اللطرون من سجلاتها".
في اليوم الثاني من الحرب، أصدر قائد اللواء الرابع في الجيش الصهيوني، موشيه يوطفات، أمراً باحتلال منطقة اللطرون كلها، وخلال ساعتين جرت السيطرة على مقر شرطة اللطرون، وبعد ذلك احتل الجيش الصهيوني منطقة اللطرون والمرج المحيط بها بكامله. بحسب مليمان.
جثامين على الطرقات
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن موقع مقبرة جماعية في منطقة اللطرون غرب القدس تحتوي على رفات 80 جندياً مصرياً شاركوا في حرب يونيو 1967، مؤكدة في تقرير بعنوان "احترقوا بين أعشاب ذات ارتفاع عال"، أنه بعد قتل الجنود من قبل القوات الصهيونية تم نهب ممتلكاتهم الشخصية، ونقلت جثثهم من خلال جرافة إلى المقبرة، حيث وضع عليهم التراب بلا أي علامات. وبحسب الصحيفة، فإن هؤلاء الجنود مدفونون تحت ما صار اليوم موقفاً للسيارات في متنزه بلدة ميني إسرائيل.وفي مذكراته، أشار الراهب في دير اللطرون، جي خوري، إلى أن جثث المقاتلين المصريين كانت "متناثرة على طول الطريق".
وخلال الحرب هدم الجيش الصهيوني قرى اللطرون الثلاث: بيت نوبا، وعمواس، ويالو، وهجر نحو 3500 من أهاليها إلى الأردن، ولم يتبق من سكانها سوى 250 شخصاً يقيمون على مشارف قراهم المهدمة.
وحافظت دولة الصهاينة على سرية ما حصل في اللطرون طوال العقود الماضية خشية إثارة ضجة، ومنعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشر تقرير حول المقبرة الجماعية في تسعينيات القرن الماضي.
وفي 2012م أقامت حركة فتح نصباً تذكارياً للجنود المصريين الذين قتلوا خلال حرب عام 1967م في منطقة اللطرون.
وتداول مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي ما تناولته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية، داعين سلطات بلادهم إلى مطالبة إسرائيل باستعادة رفات الجنود المصريين المدفونين في المقبرة الجماعية.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك أو إذا كان لديك أي استفسار